التفاصيل

سد مروي - السودان

-

يقع السودان في شمال شرق أفريقيا، وكان البلد الأكبر في القارة قبل انفصال جنوب السودان عنه في عام 2011. وقد اعتمد الاقتصاد السوداني بشكل كبير على الزراعة كمصدر أساسي للدخل وفرص العمل بالنسبة لأكثر من 80% من السودانيين. غير أن اكتشاف النفط في سبعينيات القرن الماضي كان له الدور الأكبر في معدلات النمو التي شهدها هذا البلد بعد عام 2000.

بدأت جهود صندوق أبوظبي للتنمية لتعزيز النمو الاجتماعي والاقتصادي في السودان عام 1976. وبقي هذا البلد محط اهتمام الصندوق في إطار مساعيه لإرساء ركائز التقدم الاجتماعي والاقتصادي، وانسجاماً مع استراتيجيته بلعب دور فاعل في تحفيز النمو الاقتصادي للبلدان النامية. دعم صندوق أبوظبي للتنمية تمويل 17 مشروعاً تنموياً بقيمة إجمالية بلغت 2 مليار درهم إماراتي في مختلف القطاعات بما في ذلك الطاقة والري والصناعة وغيرها. ومن هذه المشاريع سدود مروي والرصيرص وأعالي عطبرة وستيت، والتي لعبت دوراً مهماً في دعم مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتنسجم أهداف الصندوق مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، حيث تدعم السدود مختلف الجوانب التنموية، وتخدم أغراضاً متنوعة بما في ذلك توفير المياه النظيفة (الهدف السادس)، الأمر الذي يفضي بطبيعة الحال إلى زيادة الانتاجية الزراعية (الهدف الثاني)، وتوفير طاقة نظيفة بأسعار معقولة (الهدف السابع)، وإيجاد العمل اللائق (الهدف 8) ودعم الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية (الهدف 9) وغيرها الكثير. واحد من أضخم مشاريع الطاقة الكهرومائية في أفريقيا

الارتقاء بالبنية التحتية

تضاعف إنتاج الكهرباء في السودان منذ إنشاء سد مروي ومحطة توليد الطاقة الكهرومائية عام 2009 على نهر النيل على بعد نحو 350 كيلومتراً شمال العاصمة السودانية الخرطوم. وفي حين وصل إجمالي الطاقة الإنتاجية المركبة في عام 2006 إلى 1000 ميجاواط، فقد ساهم هذا المشروع – بطاقته الإنتاجية البالغة 1,250 ميجاواط - في توسيع موارد البلاد من الطاقة، وحدَّ من اعتمادها التاريخي على الطاقة الحرارية، وخفف كذلك من انقطاعات الطاقة المتكررة. وبصفته واحداً من أضخم مشاريع الطاقة الكهرومائية في أفريقيا، يشكّل سد مروي المبادرة الحكومية الأكثر طموحاً لحفز النشاط الاقتصادي في المنطقة عبر تحسين مواردها من الطاقة المتجددة، وتوسيع رقعة الأرض المروية في شمال السودان. ولم تقرر الحكومة السودانية الاستعانة بالدول العربية حتى عام 2000 عندما شرعت بتنظيم جولات متعاقبة لاستقطاب المستثمرين من الخارج. وأفضى ذلك إلى زيارة وفد من صناديق عربية عدة وافقت بعد تقييم المشروع على تمويل 70% من الأعمال المدنية، الأمر الذي أتاح البدء بعمليات التطوير. وتم تمويل سد مروي بتكلفة 2,4 مليار درهم إماراتي من قبل صندوق أبوظبي للتنمية (200 مليون دولار أمريكي) ومجموعة من الممولين الدوليين. تم بناء سد مروي بالقرب من الشلال الرابع لنهر النيل بين عامي 2003 و2009، وهو ثاني سـد يتم إنشاؤه على هذا النهر بعد سد أسوان في مصر الذي اكتمل إنجازه عام 1968. ويشكّل المشروع أيضاً ثاني محطة كهرومائية في السودان بعد سد الروصيرص الذي تبلغ طاقته الإنتاجية 280 ميجاواط، والذي اكتمل إنجازه في حوض نهر النيل الأزرق عام 1966 على بعد ما يقارب 315 ميلاً جنوب شرق الخرطوم. ويمتد سد مروي بطول 9 كيلومتـرات، ويبلغ ارتفاع أعلى نقطة فيه 67 متراً مع خـزان صخري مغطى بالخرسانة على ضفتي النهر بمساحة 8,3 كيلومتر مكعب أو ما يعادل 20% من الصبيب السنوي لنهر النيل تقريباً. وتمتد بحيرة الخزان بطول 174 كيلومتراً وارتفاع 300 متر عن سطح البحر. وقد تم تزويد المحطة الكهرومائية بعشرة توربينات تولد كل منها 125 ميجاواط، وتوفر بالتالي 6,500 جيجاواط سنوياً من الطاقة الكهربائية منخفضة التكلفة. وللاستفادة من قدرة التوليد الكاملة، تم إجراء تحديثات وتوسيعات كبيرة على شبكة الكهرباء السودانية بما في ذلك مد 500 كيلومتر من خطوط النقل الهوائية الجديدة بقدرة 500 كيلوفولط إلى الخرطوم، بالإضافة إلى نحو 1000 كيلومتر من خطوط النقل بقدرة 220 كيلوفولط شرقاً نحو بورتسودان، وغرباً على طول النهر. وقد تم إنجاز بناء السد في ديسمبر 2008، ما أثمر عن توفير الكهرباء لأكثر من 90% من سكان المنطقة.

مزيد من الطاقة الكهربائية

قبل بناء سد مروي، تم استخدام مزيج من التقنيات المائية والحرارية لتوليد نحو 1,000 ميجاواط من الكهرباء لأكثر من 32 مليون مواطن سوداني في عام 2006. ووصل إجمالي استهلاك الطاقة الكهربائية في السودان في ذلك العام إلى 3,000 جيجاواط ساعة سنوياً، أي بمعدل استهلاك فردي سنوي يقارب 90 كيلوواط ساعة فقط، وهذا واحد من أضعف معدلات الاستهلاك في العالم ويعود بشكل رئيسي إلى انعدام التوازن بين العرض والطلب. وعلى صعيد الزراعة، اعتمدت أغلب حقول هذا البلد الزراعي عموماً على مياه الأمطار، مما جعلها عرضةً لموجات الجفاف وظروف الطقس غير المستقرة. ونتيجة الظروف الجوية والفيضانات وانخفاض أسعار المنتجات الزراعية عالمياً، نشأت في السودان بيئة اقتصادية صعبة استمرت إلى حين تطوير السد. ونجح سد مروي بزيادة معدل الملكيات الزراعية في شمال السودان. وساهمت المشاريع الزراعية في الحمداب وأمري والمناصير والكحيلة بزيادة رقعة الأراضي الزراعية التي يمكن استصلاحها من 10,000 إلى 207,000 فدان؛ عدا عن المشاريع الداعمة للأراضي مثل الطرق: طريق سد مدينة مروي بطول 36 كيلومتراً، طريق كـريمة - السد بطول 27 كيلومتراً، وطريق كريمة - نوى بطول 180 كيلومتراً. كما أعيد تأهيل 254 كيلومتراً من الطرق والجسور في شمال السودان: جسر كريمة - مروي، وجسر السليم - دونغولا، وجسر شندي - ميتيما، وجسر الدبة – أجري. ومع خزان جديد بسعة 8,3 مليار متر مكعب يكفي لري مساحة تتجاوز 400 كيلومتر، يغطي المشروع مساحة تتجاوز 66,67 هكتاراً، ويخدم أكثر من 3 ملايين نسمة من السكان المحليين. يضاف إلى هذه المزايا إمكانية ري ما يقارب 400 ألف هكتار من الأراضي الزراعية من موارد المياه المخزنة، بالإضافة إلى الحماية التي يوفرها سد مروي ضد فيضانات النيل المدمرة. كما يشكل السد حاجزاً أمام رواسب النهر، ويحد من تجمعها خلف السد العالي في أسوان المصرية. والأهم من ذلك أنه يلبي متطلبات برنامج الحكومة السودانية لتوليد وتوزيع الطاقة مع تعزيز قدرتها الإنتاجية الحالية بنسبة تزيد على الضعف. وتم إدراج أهالي قبائل حمداب وأمري والمناصير ضمن خطط إعادة التوطين؛ حيث تم وضع 4 خطط، اثنان منها لإعادة التوطين تحت موقع السد، واثنان فوق بحيرة الخزان. ونتيجة لذلك، حصل 18,000 شخص على 2,5 هكتار من الأراضي، فضلاً عن إنشاء محطات ضخ وقنوات ري جديدة لخدمتهم. وتم بناء المنازل الجديدة بمواد ذات جودة أعلى، وباتت القرى اليوم تحظى بخدمات متطورة لم تكن متاحةً قبل إعادة التوطين مثل: مياه الشرب، والمساجد، والأسواق، والمدارس، والأهم من ذلك الكهرباء.

آفاق التطوير

على الرغم من المساهمة الكبيرة لسد مروي في مزيج الطاقة السوداني، إلا أن قطاع توليد الكهرباء في البلاد سيواجه تحديات حقيقية مستقبلاً ما لم يتم تطوير مشاريع بديلة نظراً لانخفاض منسوب الأمطار وزيادة الاستهلاك. ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، فإن خدمات الكهرباء اقتصرت على 35% من سكان السودان البالغ عددهم 39 مليون نسمة في عام 2016، بينما لا يزال 25 مليوناً محرومين من الوصول إلى شبكة الكهرباء الوطنية. وتساهم مصادر التوليد الحرارية بنسبة 50% من مزيح الطاقة في السودان، ويغطّي سدّا مروي والروصيرص بالنسبة المتبقية عبر توفير 3,050 ميجاواط. وتواصل الحكومة السودانية تعزيز أصول توليد الطاقة لديها بدعم من صندوق أبوظبي للتنمية، وذلك عبر تكليف أعمال تطوير محطة توليد سد أعالي عطبرة وستيت بطاقة إنتاجية 320 ميجاواط علماً أن السد بدأ تشغيله في عام 2017. وتعتبر هذه المشاريع جزءاً من خطة حكومية أكبر لتطوير 3 سدود كهرومائية في منطقة كجبار على الشلال الثالث لنهر النيل لإضافة 360 ميجاواط من الكهرباء. وإدراكاً منه لهذه التحديات، سيواصل صندوق أبوظبي للتنمية دعم الحكومة السودانية في أجندتها التنموية من خلال تمويل عدة مشاريع، ومن بينها السدود لتحفيز التنمية الاقتصادية في البلاد وبما يتماشى مع أهداف الصندوق التنموية وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، لتوفير أساسيات العيش الكريم، والارتقاء بمعايير الحياة عبر توفير مزيد من الخدمات المتطورة للشعب السوداني.

مبادرات الاستدامة

بالرغم من إنجاز هذا المشروع الضخم، ما تزال هناك العديد من التحديات المرتبطة بالحفاظ على معايير المعيشة وجودة الحياة في المدينة. ولهذا يتعاون مجلس المدينة بشكل مستمر مع السلطات المعنية لضمان الالتزام بالقواعد والأنظمة، وتطبيق قوانين المرور الدولية في توفير معابر للمشاة ومواقف للسيارات. كما تشرف هيئة المجتمعات العمرانية بشكل مستمر على المشاريع المصممة لتعزيز كفاءة الأحياء السكنية، فضلاً عن متابعة أعمال إدارة المرافق والتعاقد مع شركات التنظيف لضمان جودة الخدمات المقدمة للسكان على مدار الساعة. وقد تم تخصيص خط ساخن لتلقي الشكاوى والتبليغ عن الأعطال على مدار الساعة. "مدينة الشيخ زايد هي مدينة صديقة للبيئة تم تطويرها بعيداً عن مصادر التلوث والمناطق الصناعية بمساحة إجمالية تبلغ حوالي 10 آلاف فدّان. وتساهم المدينة برفع معايير معيشة سكان القاهرة، فضلاً عن توفير أحياء سكنية لمختلف المستويات الاجتماعية".