التفاصيل

سد كفرنجة - الأردن

-

يقع الأردن - الذي يُعرف رسمياً باسم المملكة الأردنية الهاشمية - شرق نهر الأردن، ويحظى بموقع استراتيجي على مفترق طرق بين قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا. ويُعدّ الأردن بلداً شبه مغلق، إذ بالكاد لديه منفذ بحري صغير على خليج العقبة (البحر الأحمر) جنوباً. ولديه امتداد ساحلي على شاطئ البحر الميت الذي يعتبر المكان الأخفض على سطح الكرة الأرضية بواقع 430,5 متراً تحت مستوى سطح البحر. وتغطي الصحراء العربية معظم الأراضي الأردنية البالغة مساحتها 89 ألف متر مربع.

كانت الأراضي الأردنية موطناً للعديد من الممالك القديمة، وأشهرها على الإطلاق مملكة الأنباط التي اتخذت من مدينة البتراء - المنحوتة في الصخر الوردي اللون - عاصمةً لها، وكانت تلك المملكة مقاطعةً رومانيةً عُرفت حينها باسم العربية البترائية. وأصبح الأردن في عام 1946 مملكةً مستقلةً عاصمتها عمّان التي تُعدّ كبرى مدن المملكة وواحدة من أهم مراكز التجارة والنقل في المنطقة، عدا عن كونها واحدة من عواصم الثقافة الرئيسية في العالم العربي. ويمتلك الأردن شريطاً ساحلياً بطول 16 ميلاً (26 كم) على خليج العقبة في الجنوب الغربي حيث يقع ميناء العقبة، وهو الميناء البحري الوحيد في المملكة. وتعاني أراضي الأردن من ظاهرة الحت الناجمة عن الرياح في المقام الأول. ووفقاً لآخر الإحصائيات، يبلغ عدد سكان المملكة 9,9 ملايين نسمة، منهم 1,5 مليوناً يقيمون في العاصمة عمّان.

حفظ المياه

كما هو حال العـديد من الدول النامية القاحلة وشبه القاحلة، يُعتبر الإجهاد المائي واحـداً من التحديات الرئيسية التي تواجه الأردن. ففي عام 2015، حلت المملكة في المرتبة الرابعة عالمياً على قائمة الدول التي تواجه تحدي في توفير مخزون كافٍ من المياه العذبة. وكان الطلب على المياه في الأردن يبلغ 900 مليون متر مكعب في السنة يتم استجرار 75% منها من حوض نهر الأردن. وكانت الطاقة التخزينية الإجمالية للسدود في المملكة تقدَّر بنحو 350 مليون متر مكعب، بما فيها السدود الموجودة في الصحراء. وكان يوجد في شمال ووسط وادي الأردن 7 سدود تبلغ طاقتها التخزينية الإجمالية 270 مليون متر مكعب، وهي: وادي العرب، وزقلاب، والملك طلال، والكرامة، ووادي شعيب، والكفرين، والوحدة؛ بالإضافة إلى 3 سدود في الأغوار الجنوبية - هي الوالة، والموجب، والتنور - بسعة تخزينية فعلية تبلغ 30 مليون متر مكعب. ويتم استخدام المياه المخزنة من هذه السدود لسقاية الماشية وتغذية المياه الجوفية وفقاً لوزارة المياه والري الأردنية. وهذا يعني أن الطاقة التخزينية الإجمالية للسدود لا تغطي سوى 38% من حجم الطلب السنوي للمملكة على المياه. وبفعل الإجهاد المائي الذي يعاني منه الأردن، لا تتجاوز حصة الفرد الواحد فيه 150 متراً مكعباً من المياه سنوياً مع العلم أن خط الفقر المائي الذي حددته الأمم المتحدة اليوم هو 1000 متر مكعب للفرد سنوياً. وفي محاولة لتخفيف هذه التحديات في المستقبل، تبنى الأردن الاستراتيجية الوطنية للمياه - وهي مجموعة شاملة من الإجراءات والتوجيهات التي تعتمد نهجاً محدداً لإدارة الطلب على موارد المياه. وأولت هذه الاستراتيجية أهمية خاصة لتحسين إدارة الموارد المائية، والتأكيد على استدامة استخدامها في المستقبل. إن شح المياه هو أكبر تحدٍّ بيئيٍّ يواجه الأردن اليوم، وقد يترتب عليه عواقب اقتصادية واجتماعية كبيرة بما في ذلك انخفاض القدرة التنافسية للقطاعات الاقتصادية، وارتفاع تكاليف المواد الغذائية الأساسية، وحدوث اضطرابات اجتماعية.

تنمية الموارد المائية

في ضوء هذه التحديات التي كان الأردن يواجهها، قدم صندوق أبوظبي للتنمية إلى المملكة الأردنية منحة بقيمة 103 ملايين درهم إماراتي لتمويل بناء سد كفرنجة. وبدأت جهود الصندوق لدعم مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأردن عام 1974، وكانت المملكة محط اهتمام الصندوق بتلقيها 5,6 مليار درهم إماراتي من إجمالي منحه وقروضه. كما قدم الصندوق مساعدات مالية إلى 75 مشروعاً في قطاعات عدة مثل الزراعة، والكهرباء والمياه، والخدمات الاجتماعية والصحية، والإسكان، والصناعة، والنقل، وغيرها. ومن بين هذه المشاريع سدود كفرنجة والملك طلال والوحدة، والتي لعبت دوراً محورياً في دعم جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وقد أشاد عماد نجيب فاخوري، وزير التخطيط والتعاون الدولي الأردني السابق، بحكومة الإمارات العربية المتحدة على دعمها المستمر للقطاعات الاقتصادية الرئيسية في المملكة. وتنسجم أهداف الصندوق مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، حيث تدعم السدود مختلف الجوانب التنموية، وتخدم أغراضاً متنوعة بما في ذلك توفير المياه النظيفة والنظافة الصحية (الهدف السادس)، وإيجاد العمل اللائق (الهدف 8) ودعم الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية (الهدف 9) وغيرها الكثير.

تم بناء سد كفرنجة بين عامي 2011 و2017 عند مدينة كفرنجة في محافظة عجلون التي كانت حصة الفرد الواحد فيها من المياه هي الأقل على مستوى المملكة. ويمتد هذا السد بطول 282 متراً وارتفاع 88 متراً، وتبلغ سعته التخزينية 6 ملايين متر مكعب. وتم بناء السد لتجميع مياه الأمطار واستخدامها لأغراض الشرب في المقام الأول. وعند افتتاحه في عام 2017، ساهم السد في زيادة إمدادات المياه اليومية بواقع ثلاثة أضعاف لنحو 40 ألف نسمة من سكان المدينة، أي من 22 إلى 63 لتراً في اليوم؛ مع العلم أن أهالي كفرنجة كانوا يعتمدون قبل ذلك بشكل رئيسي على موسم الأمطار الربيعية للحصول على إمدادات غير مستقرة من المياه. كما أدى ارتفاع عدد سكان المملكة في الماضي القريب إلى حدوث شح كبير في موارد المياه النظيفة. وكنتيجة مباشرة لبناء السد، تعاونت منظمة اليونيسف – بدعم من حكومات دولية - مع وزارة المياه والري الأردنية لبناء منظومة إمداد مائي مرتبطة بالسد تشمل محطة لتحلية المياه، وخط أنابيب بطول 10 كم إلى شبكة المياه العامة، وثلاث محطات لضخ المياه على طول خط الأنابيب. وتم كذلك دعم حفر بئرين في محافظة عجلون يستفيد منهما 96 ألف نسمة. وفي جنوب العاصمة عمّان، جرى توسيع شبكة المياه لتربط خمس مدارس، الأمر الذي أتاح توفير المياه لنحو 6,600 طفل يومياً. علاوةً على ذلك، واستجابةً للاحتياجات الطارئة في المنطقة، تم توفير المياه أيضاً إلى 46,528 لاجئاً سورياً بمعدل 12,4 لتراً للفرد الواحد يومياً في مخيم الركبان، و30 لتراً في مخيم الحدلات. زراعياً، استفادت عدة مزارع من خط ري بقطر 600 مم وتدفق أقصى 400 لتر في الثانية الواحدة وتم ربطه بموارد ري متعددة تروي ما مجموعه 26,3 هكتاراً من الأراضي الزراعية. ويعد سد كفرنجة المشروع الأول من نوعه في الأردن، وواحداً من المبادرات الحكومية الأكثر طموحاً لتخفيف الضغط على إمدادات المياه تماشياً مع الاستراتيجية الوطنية للمياه.

الحد من الجفاف

على الرغم من هذه المساهمة المهمة في حفظ الموارد المائية للمملكة، إلا أن الحكومة الأردنية تعمل جاهدة على تقليص التحديات التي من المتوقع أن تواجهها مستقبلاً من خلال تطوير مشاريع أخرى في قطاع المياه للحد من تداعيات انخفاض منسوب الأمطار وزيادة الاستهلاك. ووفقاً للأمم المتحدة، فإن الدول التي تقل مواردها المائية عن 500 متر مكعب للفرد سنوياً ستواجه عتبة "الندرة المطلقة"، في حين أن الحصة السنوي للفرد في الأردن لا يتجاوز 150 متراً مكعباً. وإدراكاً منه لهذه التحديات، سيواصل صندوق أبوظبي للتنمية تقديم الدعم المالي لمشاريع عدة. وستساهم هذه المشاريع، ومن بينها السدود في تحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية تماشياً مع أهداف الصندوق التنموية وضمن إطار أهداف التنمية المستدامة وللأمم المتحدة المعمول بها على نطاق واسع. وقد انعكست آثار هذه المشاريع الإيجابية على تحسين الناس وتزويدهم بضروريات العيش الكريم، كما ستواصل المشاريع والمبادرات القادمة الارتقاء بمعايير الحياة عبر توفير مزيد من الخدمات المتطورة للأردنيين. "يلعب السد دوراً محورياً في تحسين الموارد المائية المتاحة في وادي كفرنجة لأغراض الري والشرب وتنمية البيئة المحيطة، وكذلك المساهَمة في درء خطر الفيضانات"