تقع جمهورية كولومبيا -وعاصمتها بوغوتا - شمالي قارة أمريكا الجنوبية، وتضم اثنتين وثلاثين مقاطعة إدارية. يحدّها من الشمال البحر الكاريبي، ومن الشمال الغربي بنما، ومن الجنوب الإكوادور وبيرو، ومن الشرق فنزويلا، ومن الجنوب الشرقي البرازيل، ومن الغرب المحيط الهادئ. تمتاز كولومبيا بتنوعها العرقي واللغوي، حيث يعكس تراثها الثقافي الغني تأثير الهنود الحمر، والاستيطان الأوروبي، والهجرة من أوروبا والشرق الأوسط. وتقع المراكز الحضرية الكولومبية في مرتفعات جبال الأنديز وساحل البحر الكاريبي. ويُعدّ الاقتصاد الكولومبي المتنوع ثالث أكبر اقتصاد في أمريكا الجنوبية، حيث تتمتع البلاد بالاستقرار الاقتصادي مع آفاق إيجابية للنمو على المدى الطويل.
بدأت جهود صندوق أبوظبي للتنمية لدعم مسار التنمية الاجتماعية والاقتصادية في كولومبيا مؤخراً في عام 2017. ومنذ ذلك الحين، خصص الصندوق منحة بقيمة إجمالية بلغت 10.5مليون دولار (38.6 مليون درهم) لدعم كولومبيا في تحقيق أولوياتها التنموية.
وتهدف المنحة إلى حفز التنمية الشاملة، والمساعدة على تأسيس شبكة من المراكز التعليمية والصحية. ودعم خطط التنمية في كولومبيا من خلال توفير التعليم والرعاية للأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، ورفع معايير المعيشة لسكان المقاطعات المختلفة، والمساهمة في القضاء على الفقر في البلاد. ومن خلال هذه المبادرة، ساهم الصندوق ببناء وتجهيز 37 مركزاً لتنمية الطفولة المبكرة. ويندرج بناء مراكز تنمية الطفولة المبكرة هذه ضمن إطار سياسة "من الصفر إلى الأبد" والتي تهدف لضمان حقوق الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة وتعزيز نموهم ورفاههم.
دعم الطفولة المبكرة
عند الاكتمال المقرر للمشروع في ديسمبر 2020، ثمة العديد من مجالات التركيز التي من المتوقع أن يتم تحسينها على نحو كبير - مثل تنفيذ الإجراءات الرامية إلى حماية وضمان حقوق الحوامل والأطفال الذين تتراوح أعمارهم من الولادة وحتى 6 سنوات. وتم وضع هذه الإجراءات أيضاً ضمن السياسة الوطنية لتنمية الطفولة المبكرة "من الصفر إلى الأبد"، وهي تؤدي بطبيعة الحال إلى تهيئة الظروف الإنسانية والجسدية والمادية اللازمة لتعزيز نمو الأطفال حتى سن 6 سنوات، والذين يعيشون في المناطق الريفية النائية من كولومبيا.
ومع تنفيذ هذه المشروعات، من المتوقع أن تتم رعاية نحو 4,730 طفلاً دون سن 6 سنوات من خلال وسائل التعليم الأولي ضمن إطار الرعاية الشاملة، الأمر الذي يضمن حقوقهم المنصوص عليها ضمن سياسة "من الصفر إلى الأبد". ويساهم الاهتمام بمرحلة الطفولة المبكرة في تحقيق هدف "الفتيات والفتيان أولاً" المحدد في خطة التنمية الوطنية الكولومبية 2019-2022. ويتيح تدخل الدولة حصول هذه الشريحة من الأطفال على بنية تحتية مجهزة بالكامل لضمان نموهم وتطورهم. وتتوزع هذه البنية التحتية على 27 بلدية مختلفة يتعذر الوصول إلى معظمها. وقد صنَّفت الحكومة الوطنية في كولومبيا 170 بلدية على أنها "بلديات PDET" (مشمولة بالخطط التنموية مع التركيز الإقليمي). ومن بين 29 مشروعاً تندرج ضمن إطار هذا المشروع الضخم الذي سيتم تمويله بموارد ممنوحة من صندوق أبوظبي للتنمية، تم منح الأولوية لمشاريع 10 بلديات تُعتبر بأمس الحاجة إلى اهتمامٍ عاجل وهي: بيلين دي لوس أنداكيز، وكوريلو، وإيل دونسيللو، وإيل باوجيل، وكوندوتو، وفالينسيا، وأراكاتكا، وبوليكاربا، وتيبو، وتيوراما. وضمن إطار تنمية الطفولة المبكرة، يُعتبر التعليم الأولي حقاً مكتسباً لتعزيز نمو الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من الولادة حتى 6 سنوات. وكان ما سبق ذكره هو السبب الرئيسي الذي دفع الصندوق إلى المشاركة في هذا المشروع الضخم، وتعزيز العلاقة مع كولومبيا لضمان التعليم الأولي والرعاية والتغذية للأطفال دون سن السادسة.
التنمية المستقبلية
يتمثّل الهدف الرئيسي لصندوق أبوظبي للتنمية في مساعدة الدول النامية على تحقيق الأولويات التنموية في أجنداتها الوطنية، وذلك عبر تمويل مشاريع كبرى تحقق أثراً اجتماعياً واقتصادياً ملموساً وتساهم في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام. وقد كان للمشروع آنف الذكر تداعيات إيجابية متلاحقة بفضل الدعم المحوري الذي حظي به. ولا تساهم مشاريع "مركز تنمية الطفولة المبكرة" فقط في خلق المزيد من فرص العمل عبر التعاقد لإنجاز الأعمال الاستشارية والإشرافية، وإنما تشجّع أيضاً على وضع الترتيبات اللازمة لتعزيز حقوق الصحة والحماية والمشاركة، والمساهمة كذلك في توسيع نطاق الرعاية الطبية عبر برامج تطورها الهيئات العامة. ومن الثمار الإيجابية لهذا المشــروع إقدام الميزانية الوطنية العامة في كولومبيا على الاستثمار فيه من خلال الشروع بإنشاء البنية التحتية اللازمة لخدمات رعاية الطفولة المبكرة، حيث سيتم تشييد 37مركزاً جديداً لتنمية الطفولة. بالإضافة إلى ذلك، شارك في المشروع العديد من الهيئات الحكومية الوطنية والمتبرعين. وكان الدافع الرئيسي لذلك هو الافتقار إلى المساحات الكافية لرعاية الطفولة المبكرة، وتدني مستوى المسؤولية التعاونية، وعدم التزام المجموعات المعنية بتوفير الرعاية المتكاملة. علاوة على ذلك، فإن جزءاً كبيراً من الاهتمام الذي تم إيلاؤه لهذه الشريحة يرتبط بتطوير المساحات على نحو يضمن تنفيذ جميع الإجراءات ضمن بيئة مريحة وآمنة، فضلاً عن توفير الظروف الملائمة للموقع والبنية التحتية وسهولة الوصول والراحة.
نمط حياة مستدام
على صعيد التعاون الدولي والتنمية المستدامة، يساهم هذا المشروع في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التالية: الهدف الأول: القضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان؛ الهدف الثاني: القضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي والتغذية المحسّنة وتعزيز الزراعة المستدامة؛ الهدف الثالث: ضمان تمتّع الجميع بأنماط حياة صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار؛ الهدف الرابع: ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلّم مدى الحياة للجميع؛ الهدف السادس عشر: التشجيع على إقامة مجتمعات مسالمة لا يُهمَش فيها أحد من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وإتاحة إمكانية وصول الجميع إلى العدالة، وبناء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وشاملة للجميع على جميع المستويات. تجدر الإشارة أيضاً إلى أن المشروع، وبالإضافة إلى أولوياته في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، يتوافق مباشرةً مع الهدف الكولومبي 4,2 الذي ينص على أنه: "بحلول عام 2030، ينبغي ضمان حصول جميع الفتيات والأطفال على خدمات رعاية الطفولة المبكرة والنمو والتعليم الجيد في مرحلة ما قبل المدرسة تحضيراً لدخولهم مرحلة التعليم الابتدائي". وبالإشارة تحديداً إلى المؤشر العالمي 4,2,1 "زيادة نسبة الأطفال دون سن الخمس سنوات، والذين يكون نموهم كافياً من حيث الصحة والتعلم والرفاه النفسي الاجتماعي"، تم إطلاق هذا المشروع الذي يركز على بناء وتجهيز البنية التحتية المتخصصة لرعاية الطفولة المبكرة بهدف المساهمة في نمو الشريحة السكانية المذكورة والبلد عموماً. وتساهم المشروعات مثل مراكز تنمية الطفولة المبكرة في تحسين التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ومساعدة البلاد على تطوير العديد من الجوانب التنموية الاقتصادية والاجتماعية بما يتماشى مع هدف الصندوق. ومن شأن هذا المشروع أيضاً رفع معايير معيشة سكان المقاطعات المختلفة. وعلى الصعيد الوطني، يشجع المشروع على زيادة الموارد التعاونية التي تدعم التنمية المستدامة لكولومبيا، الأمر الذي يؤثر إيجاباً على تخصيص الموارد المحلية وتوجيهها لحفز مسار الاندماج والتطور الاجتماعي.